في عالم الصناعات الغذائية، يمثل تدقيق ISO 22000 اختبارا حقيقيا لمدى التزام الشركات بمعايير سلامة الغذاء و إدارة المخاطر. فنجاح التدقيق يعني الحصول على شهادة اعتماد دولية تمنح الشركة ثقة العملاء والجهات الرقابية، بينما قد يؤدي الفشل إلى رفض الشهادة أو تأجيلها بسبب أخطاء يمكن تفاديها بسهولة. لذلك، من الضروري أن تعرف كل منشأة غذائية أخطاء التدقيق الأكثر شيوعًا في ISO 22000 وأن تتخذ إجراءات وقائية فعالة لضمان المطابقة الكاملة للمعيار.
كذلك، تشير تقارير الهيئة السعودية للغذاء والدواء (SFDA) وهيئات الاعتماد الخليجية إلى أن أكثر من 45% من حالات الرفض تعود إلى ضعف التوثيق، أو غياب تتبع العمليات، أو عدم فعالية إجراءات التصحيح. الأهم من ذلك أن هذه الأخطاء لا تدل على فشل النظام، بل على ضعف في التطبيق العملي أو سوء التحضير قبل التدقيق. لذلك سنوضح في هذا المقال من نيكست جينيراشن أبرز الأخطاء التي تواجهها الشركات أثناء تدقيق ISO 22000 وكيف يمكن تجنبها بشكل احترافي.
غياب التوثيق الكامل للعمليات والإجراءات
من أكثر الأخطاء شيوعًا في تدقيق ISO 22000 هو عدم اكتمال الوثائق والسجلات التي تُعد الركيزة الأساسية لأي نظام إدارة سلامة غذاء. ذلك لأن معيار ISO 22000 يعتمد على مبدأ أن كل خطوة تشغيلية يجب أن تكون موثقة وقابلة للتحقق.
أبرز مظاهر الخطأ
-
عدم وجود نسخ محدثة من الإجراءات التشغيلية (SOPs).
-
غياب سجلات فحص درجات الحرارة أو التعقيم.
-
نقص في ملفات الموردين أو سجلات الشحن.
-
عدم وجود نظام واضح لتتبع التعديلات في الوثائق (Document Control System).
كيف تتجنب هذا الخطأ؟
لتجنب الوقوع في هذه المشكلة، يجب على المؤسسة:
-
إنشاء نظام إلكتروني لإدارة الوثائق وتحديثها بشكل دوري.
-
تعيين مسؤول توثيق يتابع إصدار ومراجعة المستندات.
-
الاحتفاظ بالسجلات لمدة لا تقل عن سنتين وفقًا لمتطلبات ISO 22000:2018.
-
التأكد من توقيع واعتماد جميع النماذج التشغيلية قبل استخدامها.
ضع في اعتبارك أن المدقق لا يبحث عن أوراق كثيرة، بل عن أدلة واضحة تظهر أنك تطبق النظام فعليًا وليس شكليا.
ضعف تحليل المخاطر الغذائية (HACCP & PRPs)
أحد أهم محاور ISO 22000 هو نظام تحليل المخاطر ونقاط التحكم الحرجة (HACCP). لذلك، ضعف أو غياب التحليل العلمي للمخاطر يعتبر خطأ جوهريًا يؤدي غالبًا إلى رفض الشهادة.
مظاهر الخطأ
-
استخدام نماذج HACCP عامة دون تخصيصها لطبيعة المنتج.
-
عدم تحديث تحليل المخاطر عند إدخال مواد جديدة في التصنيع.
-
إهمال تقييم المخاطر الكيميائية أو الميكروبية بدقة.
-
عدم تحديد نقاط رقابة حرجة (CCPs) وفق منهج علمي واضح.
كيفية تجنب هذا الخطأ
-
تطبيق أسلوب Risk-Based Thinking لتحليل كل خطر وفق درجة تأثيره واحتمال حدوثه.
-
مراجعة تحليل المخاطر كل ستة أشهر أو عند أي تغيير في العملية الإنتاجية.
-
توثيق خطة HACCP وفق تسلسل الخطوات القياسي (من تحديد المخاطر حتى المراقبة).
-
التأكد من أن العاملين في خطوط الإنتاج يفهمون نقاط الرقابة الحرجة ويطبقونها يوميًا.
تذكر أن تحليل المخاطر ليس مجرد نموذج يُملأ، بل هو عملية تشغيلية حية يجب أن تنفذ وتراجع باستمرار لتضمن سلامة الغذاء الفعلية.
عدم كفاية مراجعة الإدارة (Management Review)
كذلك من الأخطاء الشائعة عدم إجراء مراجعة دورية للإدارة العليا، رغم أنها شرط أساسي في جميع أنظمة ISO. فالإدارة هي الجهة المسؤولة عن تقييم أداء النظام واتخاذ قرارات التحسين.
مظاهر الخطأ
-
عدم وجود محاضر رسمية لاجتماعات مراجعة الإدارة.
-
غياب مؤشرات الأداء (KPIs) لمراقبة كفاءة النظام.
-
عدم مناقشة نتائج التدقيق السابق أو حالات عدم المطابقة.
-
تأجيل مراجعة الإدارة لفترات طويلة.
كيفية تجنب الخطأ
-
تحديد موعد ثابت (كل ربع سنة أو نصف سنة) لعقد اجتماع مراجعة رسمي.
-
إعداد تقرير أداء يتضمن مؤشرات مثل نسب الرفض، حالات السحب، وملاحظات التدقيق.
-
التأكد من حضور المدير العام أو ممثله لضمان المتابعة الفعلية للقرارات.
-
ربط نتائج الاجتماع بخطة التحسين المستمر.
الأهم من ذلك أن مراجعة الإدارة ليست إجراء شكليًا، بل هي أداة استراتيجية تساعد المؤسسة على تصحيح المسار وتحقيق التحسين المستمر.
ضعف نظام تتبع المنتج (Traceability System)
في حالات كثيرة تفشل الشركات في إقناع المدقق بقدرتها على تتبع المنتج الغذائي من مصدر المواد الخام حتى وصوله للمستهلك. وبالتالي، يعتبر هذا من أكثر الأخطاء التي تؤدي إلى ملاحظات تدقيق خطيرة في ISO 22000.
مظاهر الخطأ
-
عدم وجود رمز تتبع (Batch Number) موحد في جميع مراحل التصنيع.
-
صعوبة تحديد المورد الأصلي لأي مادة خام.
-
غياب سجل يربط بين الإنتاج والتوزيع.
-
عدم إجراء اختبار تتبع تجريبي خلال التدقيق.
كيفية تجنب الخطأ
-
تطبيق نظام تتبع رقمي يعتمد على الباركود أو الـ QR Code.
-
توثيق العلاقة بين المورد والدفعة الإنتاجية في قاعدة بيانات مركزية.
-
اختبار نظام التتبع مرتين سنويًا للتحقق من فعاليته.
-
التأكد من أن النظام يسمح بالسحب العكسي Forward & Backward Traceability خلال أقل من 4 ساعات.
تذكر أن المدقق قد يطلب اختبارًا حيًا، لذلك تأكد من أن فريقك قادر على تتبع أي منتج في أي وقت بسرعة ودقة.
تجاهل تقارير التدقيق السابقة وعدم تصحيح الملاحظات
أحد الأسباب الرئيسية لرفض الشهادة أو تعليقها هو أن الشركة لم تُثبت أنها صححت الملاحظات السابقة التي رصدها المدقق. نتيجة لذلك، تعتبر الجهات المانحة هذا إهمالًا في نظام التحسين المستمر.
مظاهر الخطأ
-
عدم وجود خطة عمل واضحة لمعالجة الملاحظات.
-
تكرار نفس الأخطاء في أكثر من تدقيق.
-
عدم توثيق الإجراءات التصحيحية أو إثبات تنفيذها.
-
عدم متابعة نتائج التحسين بعد التنفيذ.
كيفية تجنب الخطأ
-
إنشاء سجل رسمي لتتبع الملاحظات والإجراءات التصحيحية (CAR Log).
-
تحديد مسؤول وموعد نهائي لكل ملاحظة.
-
تنفيذ تحليل Root Cause Analysis لتحديد السبب الجذري للخطأ.
-
التحقق من فعالية الإجراء التصحيحي قبل إغلاقه.
تصحيح الملاحظات ليس هدفًا إداريًا فقط، بل وسيلة لضمان تطوير النظام ومنع تكرار الخطأ مستقبلا.
ضعف التواصل بين فرق التدقيق والإنتاج
في كثير من الأحيان، يؤدي ضعف التواصل بين فرق الجودة والإنتاج إلى تضارب المعلومات أثناء التدقيق، مما يثير شكوك المدقق في مصداقية التطبيق.
أبرز مظاهر الخطأ
-
إجابات متناقضة من الموظفين خلال المقابلات.
-
عدم معرفة العاملين بسياسات سلامة الغذاء أو أهداف الجودة.
-
غياب التنسيق بين الإدارات عند تجهيز الوثائق.
-
عدم وضوح التسلسل الإداري داخل النظام.
كيفية تجنب هذا الخطأ
-
عقد اجتماعات تمهيدية بين الإدارات قبل التدقيق لتوحيد المعلومات.
-
التأكد من أن كل موظف يفهم دوره في نظام ISO 22000.
-
استخدام لوحات عرض مرئية في الأقسام توضح الأهداف والسياسات.
-
تشجيع فرق العمل على الرد بثقة ووضوح أثناء المقابلات.
بالتالي، يجب أن ينظر إلى التدقيق كـ تعاون مشترك بين جميع الإدارات وليس مسؤولية قسم الجودة فقط.
الأسئلة الشائعة
س1: ما أكثر الأخطاء التي تؤدي إلى رفض شهادة ISO 22000؟
أكثر الأسباب شيوعًا هي نقص الوثائق، ضعف نظام تتبع المنتج، وعدم تصحيح الملاحظات السابقة، لأنها تظهر ضعف التطبيق الفعلي للنظام.
س2: كم المدة المسموح بها لتصحيح ملاحظات التدقيق؟
عادة تمنح الجهة المانحة مهلة لا تتجاوز 30 يوما لتقديم الأدلة التصحيحية واستكمال المطابقة.
س3: هل يمكن إعادة التدقيق بعد الرفض؟
نعم، لكن يجب أولا معالجة جميع نقاط عدم المطابقة الجوهرية وإثبات التحسين قبل طلب إعادة التقييم.
س4: ما هي أهمية تحليل السبب الجذري للأخطاء؟
لأن تحليل السبب الجذري (Root Cause Analysis) يمنع تكرار نفس المشكلة، مما يحسن استقرار النظام وفعاليته.
س5: هل يختلف التدقيق في السعودية عن الدول الأخرى؟
لا، لأن معايير ISO موحدة عالميًا، لكن في السعودية يتم التدقيق وفق متطلبات إضافية من SFDA لضمان مطابقة الأنظمة المحلية.
في النهاية، تعد أخطاء التدقيق ISO 22000 فرصة ثمينة للشركات لتطوير أنظمتها وتحسين كفاءة تطبيقها، وليس مجرد عائق أمام الحصول على الشهادة. كذلك، فإن النجاح في التدقيق لا يعتمد فقط على الأوراق، بل على مدى نضج النظام الداخلي، وتكامل الإدارات، واستمرارية المراجعة والتحسين. ولأن نيكست جينيراشن من الجهات المانحة المعتمدة في السعودية، فإنها تؤكد أن الوقاية من الأخطاء تبدأ من التحضير الجيد، توثيق الإجراءات، وإثبات التطبيق الواقعي. لذلك، احرص دائمًا على أن تكون عملية التدقيق رحلة تطوير شاملة ترفع من مستوى سلامة الغذاء، وتمنح شركتك ثقة الجهات الرقابية والعملاء على حد سواء.









